إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
247083 مشاهدة print word pdf
line-top
إذا أسلم العبد وهو تحت سيده الكافر

وإن أسلم قن في يده أي يد الكافر أو عند مشتريه منه ثم رده لنحو عيب أجبر على إزالة ملكه عنه بنحو بيع أو هبة أو عتق لقوله تعالى: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ولا تكفي مكاتبته لأنها لا تزيل ملك سيده عنه ولا بيعه بخيار لعدم انقطاع علقه عنه.


يقول: عبد كافر عند رجل كافر ثم إن العبد أسلم وسيده باق على كفره فهل نقره لا يجوز إقراره في يد كافر بل يلزم سيده أن يزيل ملكه عنه، فيقال أنت أيها الكافر لا يحل لك التصرف في هذا المسلم ولا استخدامه؛ لأنك بذلك تهينه وتكون مستعليا عليه والمسلم له العلو وله العزة وله الرفعة لقوله تعالى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ فلا يحل لك أن تستخدم هذا المسلم، بل يلزمك بأن تزيل ملكك عنه، فإما أن تبيعه لمسلم، وإما أن تهديه لمسلم، وإما أن تعتقه.
أما أن يبقى في ذمتك فلا. حتى لا يكون للكافر على المسلم ولاية قال تعالى: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا أي ولاية أو تصرفا، الله تعالى أعز المؤمن وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ومن إعزازه له أن لا يهينه الذي يملكه من الكفار بحيث يستعلي عليه ويترفع عليه. والحاصل أنه يلزمه أن يزيل ملكه ولا تكفي مكاتبته ولا بيعه بشرط خيار، بل يبيعه حالا بما يساويه.
وكذلك إذا أراد أن يخرج ملكه فلا يكفي أن يكاتبه، الكتابة أن يبيعه نفسه بمال مؤجل يؤديه أقساطا. إذا كان العبد يساوي مثلا عشرة آلاف، اشترى نفسه من سيده بعشرين ألفا يؤدي مثلا كل سنة عشرة آلاف أو خمسة، فهذه هي الكتابة، لا يكفي أن يكاتب عبده المسلم؛ وذلك لأن الكتابة لا تزيل علقه عنه، لا تزال علقه على العبد؛ لأنه ربما يعجز العبد عن أداء الكتابة فيعيد قِنًّا، فلا بد أن يخرجه من ملكه حالا ببيع أو عتق أو هبة.
وكذلك لو باعه بشرط الخيار لم يجز؛ لأنه يمكن أن يرده ذلك المشتري فلا يبيعه إلا بيعا منجزا ليس فيه شرط خيار. نعم.

line-bottom